كتب

استراتيجية سلطة الاستبداد في مواجهة الثورة السورية

معلومات الكتاب

تأليف: مجموعة من الكتّاب*

إعداد وتقديم: يوسف فخر الدين

مراجعة: ناجي الجرف

توطئة

البحث الأول: عنف البنية المحتضّرة، د. أحمد برقاوي   ‏‏

البحث الثاني: سورية، من الحريّة إلى أرضٍ للرباط، إياد العبدالله                ‏‏

البحث الثالث: إستراتيجيّة النظام تجاه الكرد في الثورة السوريّة وغيابها لدى المعارضة، بكر صدقي‏‏

البحث الرابع: الانتفاضة السورية خارج السياق داخل التاريخ، حازم السيد              ‏‏

البحث الخامس: الأكراد في سوريا حيرةٌ بين وطنيّةٍ سوريّةٍ وقوميّةٍ كرديّةٍ، دارا عبدالله          ‏‏

البحث السادس: التكيّف الاقتصاديّ للنظام في مواجهة الثورة، سلام السعدي      ‏‏

البحث السابع: حماية الأقليّات الديماغوجيّة في خدمة النظام المسيحيّون السوريّون أنموذجاً، ليلى فرح

البحث الثامن: علويّو سوريا من العزلة إلى لعنة السلطة، يوسف كنعان    ‏‏

ملحق 1: النظام السوريّ في مواجهة انتفاضة الحرية، بكر صدقي               ‏‏

ملحق 2: سوريا ثورة مستمرّة، يوسف فخر الدين         ‏‏

* رُتّبت المقالات حسب الأحرف الأبجدية

توطئة

التفكير في البحث

لا يمكننا عدُّ “الموضوعيّة” إلا نوعاً من الادّعاء الإيديولوجيّ، أو هي في حال طرَحها الباحثُ على نفسه تكون من جنس المطلَق، مستحيل التحقّق، الذي يحفّز النسبيَّ، غير المرضيِّ عنه، على التطوّر. الأمرُ إذاً ليس “أبيض أو أسود”، بل يمكن أن يكون موضوعاً دائماً للتفكير بالمدى الذي استطاع باحثٌ ما تحقيقه.

وهو ما يشترط التحرّر من سحر الكلمة المكتوبة، ووضع مسافةٍ بين القارئ والمقروء مهما وجد الأوّل في النصّ من تشابهٍ مع فرضيّاته ومعطياته، وتشابهٍ على مستوى المشاعر وهو الأهمُّ. وكمركزٍ في طور البناء، ووضع أسس وتقاليد العمل، نتبنّى ثقافةً تروم التحرّر من الأفكار المسبَقة دون ادّعاءٍ، ونحرص على تمثّل الأفكار التي جعلناها أهدافاً لنا؛ وفي مقدّمتها الحقُّ في التفكير دون وصايةٍ يبرّرها أحياناً الرعب من الوقوع في الخطأ.

طالما ندرك أنّ حرّية التفكير نفسها تعود لتصويب التفكير المرّة تلو الأخرى، وأنّ تسجيل الأفكار يجعلها متاحةً لإعادة التفكير فيها. وهو ما حاولنا نقله عبر الكتيّب الأوّل من سلسلة أعمالٍ نعدّها، فطلبنا من مجموعة الكتّاب والباحثين العمل على إجراء قراءاتٍ لإستراتيجيّة النظام وأحوال مكوّنات الشعب السوريّ، انتظرنا النتائج لنطّلع، بالإضافة للغاية الأساسيّة المتّفق عليها، على أثر الواقع المتفجّر على منتج الباحثين.  ليس دفاعاً عن الباحثين السوريّين، ولا تقليلاً من أهميّة ما يكتبون في المقابل، القول إنّه مازال من المبكّر أن ينتجوا أعمالاً يقلُّ فيها حضور ذواتهم.

ننطلق من تفهّمنا لوقائعَ ما كان يمكن تخيّلها قبل 15 ـــ 3 ـــ 2011.  ملايين السوريّين أُزيحوا من أماكنهم قليلاً أو كثيراً، تدميرٌ ممنهجٌ وهمجيٌّ لأغلبيّة المدن والريف السوريّ، ومن لم تصبه الكارثة بالمباشر، انعكست عليه آثارها بقسوةٍ؛ بحيث يمكننا القول إنّه لم يعد هناك الكثير ممّا كنّا نعرفه من المجتمع السوريِّ.

والباحثون السوريّون طالهم ما طال مجتمعهم بالضرورة، بعضهم يعيش في معمعة الحرب، وبعضهم مشرَّدٌ يبحث عن اللجوء في أرجاء الأرض ـــ وفي أثناء إعدادنا للكتاب كانوا يتعرّضون لصدمة استخدام السلطة الحاكمة للسلاح الكيمياويِّ واحتفال مؤيّديها بجريمتها، وضغوط الأخبار عن المدمِّرات الأمريكيّة التي تعبرُ البحار باتجاه الشواطئ السوريّة- في الوقت ذاته تنهمر عليهم أسئلةٌ وجوديّةٌ عن إستراتيجيّة السلطة الاستبداديّة، ونتائج ما فعلته وتفعله، ومدى قدرتها على الاستمرار، وعن علاقتها بداعميها، والتغيّرات التي جرت عليها، وإذا ما كان صحيحاً ما يتمُّ تداوله عن ارتهانها للملالي بعد أن أصبحَ وجودها واستمرارها معتمداً عليهم، وأسئلةٌ عمّا إذا كان قد أصبح للمعارضات إستراتيجيّةٌ، وعن جديدها والتباينات فيما بينها وأسبابها ومآلاتها، وعن الصراع على سوريا الذي وصل ذرىً غير مسبوقةٍ، يدّعي مراقبون أنّه وصل حدَّ مصادرة الإرادة “الداخليّة” وآخرون ينفون أنّها مازالت قائمةً، وأسئلةٌ عن حال الناس وأثر الحرب عليهم، كتفتّت بُناهم الاجتماعيّة المستقرّة، وتفاعلهم الإجباريِّ مع مجتمعاتٍ كانوا منعزلين عنها، والتغيّرات التي طالتهم نتيجة كلّ ذلك، وعن إمكانيّة تحقّق الحلول السياسيّة التي يتمُّ تداولها عالميّاً، إن كان باحتمالات تقبّل السلطة الحاكمة لأيّ منها، أو تقبّل القوى الناشئة على الأرض لفكرة التسوية من أصلها، ومدى التباينات بين أطرافها، وغيرها من الأسئلة.

سواء كانوا تحت القصف، أم في ظلّ اللجوء، ودوماً تحت ضغط القلق من قرب ضربةٍ أمريكيّةٍ متوقَّعةٍ ـــ هناك إجماعٌ على أنّها ستغير الوضع القائم، إن حصلت، دون معرفة حدودها والمسارات التي ستدفعُ البلد فيها ـــ كتب عددٌ من الباحثين عن إستراتيجيّة النظام السوريِّ في مواجهة الثورة السوريّةِ، ومنهم من انزاح عن المحور المطلوب وصولاً إلى إهماله لمصلحة الكتابة عن مصائرَ تؤرّقه.

وها نحن نضع بين أيديكم ما أرسلوه لنا. وقد حرصنا على أن نقبل الأوراقَ التي وصلتنا منهم دون كثير نقاشٍ، حتّى تكون مرآةً دون خدوش لأفكارهم وهواجسهم في آن معاً.  البحث في إستراتيجيّةِ النظام، وأحوال مكوّنات الشعب السوريِّ، وملاحظة عمليّة الفعل والتفاعل بينهما، والأثر على الأمديّة القريبة والمتوسّطة والبعيدة، مهمّةٌ ملحّةٌ لا تنتظر التأجيل. فالوضعُ العامّ يتيح للإرادة الواعية التدخّلَ للتعامل مع المشكلات التي تزداد تعقيداً إن تُركت، وللبدء في التحضير للمستقبل. فإذا كانت المهمّات عظيمةً، ففهمها وفهم أسبابها خطوةٌ على طريق التخطيط للتعامل معها. نأمل أن يكون عملنا الذي بين أيديكم، وكلّ ما سنعمل عليه لاحقاً، مفيداً بهذا الصدد.

في المبحث

تدلُّ كلُّ المؤشّرات على أنّ هناك في مركز السلطة من كان يراقبُ الموجة الديمقراطيّة في تونسَ ومصرَ، وكان يدرك أنّ هناك الكثير من المشتركات بين أوضاع البلد الذي يستبدُّ فيه والبلدان التي عمّت الثورة فيها، ما يجعل السلطة عرضةً لما اعتبرته “العدوى”. ولهذا طرحوا على أنفسهم وحلفائهم السؤال الاستشرافيَّ “ماذا نفعل إن امتدّت العدوى إلى سوريا؟”، لضمان الثابت في إستراتيجيّة النظام وهو “بقاءُ الواقع السوريِّ على حاله”.

نجد أنّ هناك استعداداتٍ رُتِّبت على عجلٍ ما بين طرح السؤال ووصول أوّل الأجوبة، نستنتج ذلك من حجم البطش الأوّليِّ (الذي قوبلت به محاولاتُ التظاهر والاعتصام دعماً للثورة التونسيّة والمصريّة) والمسارعة إلى تقديم روايةٍ متكاملةٍ عن “سلفيّين” و “مؤامرة”، وتحميل الخارج المسؤوليّة، والصورة الإعلاميّة المنظّمة التي صنعتها بداية فضائيّة العالم (الإيرانيّة) جارّةً وراءها قناتي الإخباريّة والدنيا “السوريّتين”.

استعداداتٌ حملت في طيّاتها كلَّ ما هو غريزيٌّ في طبيعة النظام وإيديولوجيّته، وعكست خبراته السابقة. ومع الوقت تطوّرت وسائل السلطة الحاكمة، حتّى إنّها لم تتوانَ عن العمل على إعادة بناء نظامها بما يتناسبُ مع ما تعتقده حاجاتها المتجدّدة، وهو ما عرف نجاحاتٍ وإخفاقاتٍ. ومع الانتقال بالحلّ الأمنيّ إلى طورٍ عسكريٍّ تبيّن أنّ لحصار القرى والأحياء وتدميرها منهجاً وغاياتٍ، ومن ثمّة توضَّح أنّنا أمام إستراتيجيّة بهذا الخصوص.

اليوم، على مبعدة ثلاثين شهراً من انطلاق الثورة السوريّة نعيدُ التفكيرَ في “إسترتيجيّة النظام” والبحث في محاورها (الإعلاميّة، الاجتماعيّة، الاقتصاديّة، العسكريّة، السياسيّة) عبر سلسلةٍ من المنشورات، على أمل أن نقدّم للمهتمّين مادةً تعينهم.  يوسف فخر الدين،  فرنسا، بوردو، 04 /09/ 2013

التحميل

للاطلاع على الورقة بصيغة PDF وتحميلها اضغط هنا