المعايير الاحصائية للمركز
يعتمد العمل في احصائيات الثورة السورية عموماً على وظيفة العد (الحصر) والتي هي من أساسيات علم الإحصاء، ويعتبر أسلوب الحصر الشامل أو التعداد، عملية إحصائية واسعة النطاق بهامش خطأ محدد، طبقت في الحالة السورية على كافة الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب السوري.
تكنيك العمل يعتمد أحياناً على ترميز البيانات(Coding) بسبب صعوبة العمل الميداني والتضييق الأمني الشديد، عبر إحلال الرموز أو الدلائل مكان الكلمات والصفات والأسماء، ليتم لاحقاً تفريغ البيانات الإحصائية ( (Data Entryفي ملفات أكسل أو أكسس، ثم اختبار صلاحية وكفاءة عملية الإدخال لكافة البيانات وتدقيق الاسماء المكررة. المرحلة اللاحقة هي عرض البيانات ((Data view بحسب طبيعتها فيمكن أن تعرض أن تعرض بطريقة إنشائية أو بشكل جداول إحصائية أو رسومات بيانية. المرحلة اللاحقة هي كتابة التقارير (Report writing)، حيث يتم تدوين النتائج وأهم المحطات والاستنتاجات. هذه المعايير الاساسية هي أهم نواظم العمل التي يلتزمها قسم الاحصاء في “مركز دعم الجمهورية الديمقراطية”.
ومن المهم التفريق بين عمليات الإحصاء (الحصر) التي تتم من قبل مختصين مدربين ضمن ظروف طبيعية، وبين الاحصاءات التي تتم في ظروف الثورات والحروب وما يتخللها من صعوبات وعوائق، ويمكن توصيف العمل الاحصائي في الحالة السورية بأنه من أعقد الأنشطة الميدانية وأصعبها وأكثرها خطورة، وذلك بسبب التضييق الأمني الشديد الذي فرضته السلطات السورية على وسائل الإعلام والناشطين منذ اليوم الأول للثورة السورية، والذي بدأ بمنع جميع وسائل الإعلام المستقلة من العمل داخل سوريا، وملاحقة واعتقال الناشطين الإعلاميين والإغاثيين، وصولاً إلى القتل والاستهداف المباشر الممنهج، والقتل تحت التعذيب للناشطين. يضاف إلى ذلك، حملات التضليل الإعلامي المستمرة التي يقوم بها إعلام النظام ومؤيدوه، والتي تمثلت في النفي المستمر لوقوع الانتهاكات والتشكيك الدائم في أعداد الضحايا، ومحاولات التشويه والفبركة والتزوير التي لم تتوقف.
بسبب كل ذلك، كان احصاء الانتهاكات يتم من قبل ناشطين ومتطوعين غير مختصين بالعموم، بالتعاون مع العديد من المختصين العاملين في الهيئات والمجموعات المدنية الناشطة، وتمكنت مراكز التوثيق من إعداد احصائيات تفصيلية لضحايا الانتهاكات بنسبة دقة معقولة، حيث أن النسبة الساحقة من شهداء الثورة السورية تم توثيقها بالاسم والتاريخ والمكان وظروف الاستشهاد، كما بالصور والفيديو في أكثر من ثلثي الحالات، وذلك بفضل الجهود الاستثنائية للناشطين الميدانيين والعاملين والمتطوعين في هذه المراكز، والتضحيات التي قدموها عبر مئات الشهداء من الناشطين والإعلاميين. وهنا ننوه إلى أن علم الاحصائيات يسمح بهامش من الخطأ حتى في حالة التعداد الشامل للضحايا مهما تم توخي الدقة، وينطبق ذلك على كافة أنواع الاحصائيات التي تنشر على مستوى العالم من قبل الهيئات الاستشارية المختصة.
لقد كان من المثير للاستهجان قيام الإعلام السوري الرسمي وأبواقه، بالتشكيك الدائم بإحصائيات الثورة السورية التي تنشرها الهيئات المعنية المتعددة، وكانوا يعتمدون أحياناً على مبدأ نقض المجموع عبر نقض الوحدة، وذلك بالقيام بتفنيد إحدى أو بعض حالات الاستهداف، للتشكيك بالارقام والإيهام بأنها مغلوطة أو مفبركة، وقد حصل هذا عدة مرات بدءاً من عدد وحجم المظاهرات في بدء الثورة، ومروراً بالنفي الدائم والمستمر لحصول الانتهاكات أو تجاهلها تماماً، وصولاً إلى التشكيك الكامل أو التخبط الإعلامي مثلما حصل في مجزرة الكيمياوي التي ارتكبها النظام في غوطة دمشق بتاريخ 21 آب/أغسطس 2013.
من الضروري التذكير بان النظام قد بدأ منذ اليوم الأول للثورة السورية باستهداف الناشطين المدنيين والذين يقومون بعمليات التوثيق والتصوير وإعداد التقارير، سواءً بالقتل المباشر أو عبر الاعتقال والتعذيب حتى الموت، وهو ما عقّد عمليات التوثيق والاحصائيات وجعلها بالغة الصعوبة في بعض المناطق.